ثمن المجزرة

عن التكلفة الكبيرة للمجازر التي ارتكبها حزب الله في سوريا التي لا يتكلم عنها أحد

ظهر واضحاً في الحرب الأخيرة أن حزب الله مخترق تماماً، و إيران كذلك أيضاً. تفجيرات البيجر، قصف قواعد الصواريخ، إغتيال حسن نصر الله، إغتيال قيادات حزب الله، الخ، كل هذه أشياء لا يمكن أن تتم دون إختراق إسرائيلي لحزب الله. المتفق عليه من كل من قرأت لهم أن هذا الإختراق بدأ من تدخل حزب الله في سوريا، و علي الرغم من أن التوقيت الزمني سهل تحديده لكن السبب هو ما يتم الإختلاف عليه.

تعددت الأسباب التي ذكرها المحللين و رجال المخابرات الأمريكيين و الإسرائيليين، مثل أن الحزب خرج رجاله من مخابئهم و أنتشروا في مساحات جغرافية واسعة و كثرت تحركاتهم و إتصالاتهم مما سمح بمراقبتهم، تم التواصل بينهم و بين رجال مخابرات سوريا شديدي الفساد و المخترقين من إسرائيل، زاد التواصل بينهم و بين رجال المخابرات الروس المخترقين من أمريكا، زاد عدد من جندوهم مما سمح بدس عملاء وسطهم، الخ. كل هذا سليم، كلها عوامل منطقية تماماً لكنها في رأيي ليست كافية.

عندما ترتكب المجازر لا يظل الشخص كما كان، و لا تظل الجيوش و التنظيمات كما كانت علي المستوي النفسي و علي المستوي الأخلاقي. هذه حكمة قديمة نساها الكثيرين فيما يبدو اليوم.

هناك خطبة ساحقة الشهرة ألقاها هملر عام 1943 في بوسن في بولندا التي كانت تحت الإحتلال النازي وقتها. هملر كان قائد الجستابو و قائد قوات العاصفة، الجناح شديد التعصب في العسكرية الألمانية المنفصل عن الجيش و المسئول عن المذابح و إدارة معسكرات الإعتقال و الإبادة الجماعية. سبب شهرة هذه الخطبة أنها مسجلة بالصوت و فيها كلام شديد الوضوح عن خطط إبادة اليهود. هذه كانت أحد الأدلة القوية في محاكمة القادة النازيين في نورمبرج. لكن في رأيي أهمية هذه الخطبة تنبع من تنبه هملر لنقطة شديدة الأهمية و تعبيره الواضح - ربما و البليغ عنها: الناس لا تستطيع أن ترتكب المجازر و يظلوا أسوياء. في الخطبة يسخر هملر من ال 80 مليون الماني ، كلهم مقتنع أن اليهود خنازير لكن هناك ذلك اليهودي الذي يختلف عن الآخرين، كل واحد فيهم عنده يهودي مختلف عن الآخرين. تنبع بطولة رجال العاصفة في أنهم الوحيدين الذين مروا بهذه التجربة: تجربة أن يروا خمسين، مائة، خمسمائة جثة ممدين بجوار بعضهم البعض، و بعد كل هذا عليهم - بإستثناءات قليلة - أن يكونوا رجالاً صالحين. ستظل أعمالهم سراً مدي الحياة لا يتكلمون عنه، ستكون هذه صفحة من المجد التي لن تكتب في التاريخ.

هملر أدركها منذ 80 عاماً: أن ترتكب مذابح و تصير سوياً هذا شيء غير مألوف، هو شخص مختل القيم لكنه يفهم الحياة، أو علي الأقل يفهم هذا الجانب. هو لم يفترض أنه من العادي أن يمر الإنسان بهذه التجربة و يخرج شخص سوي، بل هذا إستثناء و هذا الإستثناء هو ما يجعل من رجال العاصفة أبطالاً خارقين مقارنة بباقي ال80 مليون الماني، و لهذا أيضاً ستصير هذه صفحة من المجد التي لن تكتب، الناس لن تتقبل أن تسمع عن هذه الإبادات، حتي إن كانوا نازيين متعصبين و إن قالوا إن اليهود خنازير، هذه مشاهد لا يمكن الكلام عنها ولا تصويرها لأن أحداً لا يستطيع أن يتحملها.

من المثير للتأمل أن هملر تحديداً كان القائد النازي الذي عرض علي الحلفاء إستسلام المانيا في حياة هتلر! و من المثير للتأمل أن أكثر النازيين تحمساً و دعوة لإرتكاب المجازر و الإبادات الجماعية هم الأشخاص الذين إنتحروا و تركوا المانيا و الألمان و الجيش في الحلفاء: هتلر، هملر و جوبلز. علي سبيل المقارنة حين دعا هتلر قائد الجبهة الشرقية للإنتحار قبل أن يسقط في يد السوفيت لم يفعلها و إستسلم. بالمثل تمت محاكمة قادة الجيش و الطيران و الشرطة، الخ علي يد الحلفاء، بينما هرب أصحاب أعلي الاصوات دعوة للإبادات و المجازر أو من نفذوها بالفعل من المشهد بالإنتحار. بشكل ما لم يكن قادة المجازر هم أكثر الألمان وطنيةأو قدرة علي مواجهة أعدائهم و الدفاع عن ما يرونه صواب كما فعل باقي قادة النازيين.

مؤخراً بدأت أهتم بعصابات تجارة المخدرات الكبيرة التي تسمي cartels في أمريكا الجنوبية تحديداً و حول العالم عموماً. بدأ إهتمامي بالموضوع من كتاب (صفر صفر صفر zero zero zero). مولف الكتاب روبرتو سافيانو صحفي إيطالي إشتهر بسبب تأليفه لكتاب عن تفاصيل الجريمة المنظمة في العصابات الإيطالية للقدر الذي جعل حياته مهددة فعاش في حماية الشرطة لا يستطيع أن يذهب لمطعم أو أي مكان عام لمدة سنين، و جعله في نفس الوقت مصدر عون ثمين للشرطة في فهمها لهذه العصابات و لكيفية التعامل معها. من بضع سنين ربما شعرت أن الأمر مبالغ فيه: أن يحوز صحفي مهما كانت قدراته علي هذه المكانة في عالم الجريمة المنظمة، لكن منذ ثلاث سنوات فقط تم إغتيال صحفي إستقصائي هولندي شديد الشهرة في قلب أمستردام في منتصف النهار أثناء خروجه من ستديو التليفزيون لإنه كان يساعد شاهد رئيسي و يوجهه في قضية ضد زعيم واحدة من أكبر عصابات تهريب المخدرات في هولندا. من هنا تفهمت أن يكون هناك صحفي مماثل في إيطاليا و يمثل صداعاً لعصابات الجريمة المنظمة للقدر الذي يجعل حياته في خطر لسنوات.

صفر صفر صفر هو ثاني الكتب الشهيرة لهذا الصحفي، و هو يعني الكلمة الكودية التي يوصف بها الكوكايين شديد النقاء. يبدأ الكتاب بمشهد درامي جدير بالأفلام، شرطي أمريكي يقابل المؤلف في مطعم في نيويورك، يطلب مساعدته. هناك عميل زرعته الشرطة وسط عصابات نيويورك، هو تاجر مخدرات صغير تم ظبطه و تم العفو عنه تحت شرط أن يكون جاسوساً للشرطة لكنه جاسوس من نوع غريب. هم لا يريدون منه أن يعرفوا أن هناك شحنة حجمها كذا ستصل عن طريق كذا، أي معلومة يمكن أن تنبيء العصابات بأنه جاسوس هم لا يريدونها و في نفس الوقت لا يريدونه أن يشعر بأنه واشي قذر يشي بأقرانه. هم يهتمون بشيء آخر: أن يفهموا هذا العالم بشيء من التفصيل، قواعده و علاقاته و كيفية تنظيم العمليات المختلفة بين العصابات، الخ. هم يريدون منه أن يتعلموا الصورة الكلية و لا يهتمون بالتفاصيل، و يمكنه أن يمارس أعمال تهريب المخدرات كما شاء. في هذا الإطار جاء هذا الجاسوس بتسجيل للقاء تم بين الكثير من رجال العصابات و رجل عصابات إيطالي عجوز. الرجل يتكلم أمام مجموعة من رجال العصابات من عصابات مختلفة، الرجل عجوز قضي عمره في الجريمة المنظمة في كندا و قد جاء لنيويورك ليلعم الشباب الصغار. المحاضرة - إن كان يمكن تسميتها كذلك- كانت في بار يجلس فيه صغار رجال العصابات من مختلف العصابات و الجنسيات التي تشارك في الجريمة المنظمة في نيويورك. رفض رجل الشرطة أن يخبر الصحفي بالمزيد من التفاصيل: أين تم هذه اللقاء، من نظمه، لماذا، الخ. في هذه المحاضرة يخبرهم فيها الإيطالي العجوز بما يشبه فلسفته في الحياة أو خلاصة تجاربه و القو اعد العامة التي تحكم الجريمة المنظمة عموماً. الشرطة لا تعرف إن كان التسجيل سليماً أم أن هذا الجاسوس يتلاعب بهم لكنه سبب شيء من عدم الإرتياح للضباط و بالتالي فكر هذا الضابط أنه ربما بوسع هذه الصحفي أن ينشر هذا الكلام في مقال، يحدث نوعاً من الضجيج ثم يراقبوا رد فعم العصابات لهذا النشر بالتالي يعرفوا إن كان سليماً أم أن مهرجاً ما يتلاعب بهم.

في هذه الجلسة يتكلم رجل العصابات العجوز للآخرين عن فلسفته في الحياة: كل شخص وحيد. أبنائك سيتركونك في أول لحظة تتوقف فيها عن دفع المال لهم، زوجتك ستتركك كذلك عندما تنضب أموالك، أمك ستنعتك بالعقوق إن توقفت عن رعايتها. أنت وحيد و عليك أن تعيش لنفسك. كل الكلام عن القانون، العدل، العالم الجميل الذي نحاول أن نملؤه بالمساواة و تقدير من يعملون بإجتهاد هو كلام يردده المخنثون. هذا كلام وضعه الأغنياء و السادة الذين يتحكمون في المشهد. دع هذا الهراء لمن يمكنهم تحمل ثمنه: الأثرياء و السادة الذين وضعوا هذه القوانين لمصلحتهم. القانون هو القواعد التي وضعها طرف لينتهك الطرف الآخر، بينما القواعد التي تحكم العصابات هي القواعد التي تحكم الحياة.

إن كنت تظن أنك ستفوز بكل شيء دون مخاطرة، دون سجن، دون هرب فأنت لست رجلاً و إن لم تكن رجلاً فلتغادر هذه الغرفة فوراً. أنت تخاطر بكل شيء في حياتك و إن فزت تفوز بكل شيء. أنت تعيش لنفسك، يحترمك الناس إن كان لديك ما تقدمه لهم أو ما يريدونه منك و تحترم من يمكنه أن يقدم لك شيء، من لا يمكنه أن يقدم لك شيء لا تبالي به.

يكمل الرجل خطبة طويلة لا مجال لسردها كلها هنا علي نفس المنوال من الكلام عن قواعد هذا العالم و الحياة فيه و قواعد الجريمة المنظمة التي تنظم القتل و السرقة و حتي الخيانة بين رجال هذا العالم، و يعرضها لمن يرغب أن يدخله. يستمع الصحفي للكلام ثم يقول إنه سليم غير مزيف، الرجل في أمريكا يتكلم بلكنة من الإيطالية هذا الصحفي برغم كونه إيطالي لم يعرفها إلا عندما ذهب مع زوجته لزيارة جدتها في أقليم صغير من أقاليم إيطاليا. لا أحد يكلف نفسه أن يزيف حواراً بلكنة إيطالية كهذه لمجرد أن يرسل للشرطة تسجيلاً زائفاً و هو مشابه لما سمعه أثناء تحقيقاته حول الجريمة المنظمة في إيطاليا من رجال العصابات لكن هذه المحاضرة كانت مكثفة و واضحة و قوية التأثير. كانت هذه المحاضرة كارثية لإن معناها أن رجال العصابات الإيطالية بدأو ينقلوا أفكارهم و مبادئهم ليتعلمها صغار رجال العصابات الأمريكيين و المكسيكيين، لكن نشره خطر علي الجاسوس الذي سربه. يقنعه الضابط بأنه سيضع ثلاث أشخاص مرة واحدة ليرقابوه 24 ساعة يومياً لكن الصحفي يدرك أن هذا لا يكفي بالتالي يرفض نشر التسجيل.

ما يهمني هنا هو أنه من ضمن الأشياء الكثيرة التي تكلم عنها العجوز أنه قال (إن صار أحدكم أخاً لي و جعلته مساوي لي في مكانتي في المنظمة فإنه سيطعنني في ظهري. الصديق لا يظل صديقاً للأبد، سأموت يوماً ما علي يد شخص قاسمته طعامي و فراشي و كل ما أملك. لا أعرف من هو و إلا تخلصت منه، لكني متأكد أن هذا سيحدث، القواعد هي القواعد. يحيا الجبناء بالقانون و يحيا الرجال بالقواعد - في كل كلامه كان يصف رجال الجريمة المنظمة بأنهم فقط الرجال دون سواهم). الرجل يثق أن في حياة كهذا لابد أن يخونك أحدهم يوماً ما و الموضوع موضوع وقت فقط.

في موجة إهتمامي بالموضوع شاهدت الكثير من الأفلام الوثائقية عن العصابات في أمريكا الجنوبية و الوحشية العنيفة في المجازر التي يرتكبونها ضد الشرطة و المواطنين العاديين و ضد بعضهم البعض في سياق الصراع علي المال و النفوذ، و تتكرر نفس الحقيقة بصور مختلفة: أنت لا ترتكب المجازر و تصير بعدها شخصاً عادياً. القاتل الشخصي المصاحب لبابلو إسكوبار و الذي قتل ما يزيد عن 200 شخص يقول أنه لا يعرف العدد تحديداً و أي شخص يقوم بعد من قتلهم هو مريض عقلي. أنت تقتل من تقتله بسرعة و تحاول أن تتناسي الموضوع سريعًأ. كثير من رجال العصابات السفاحين هؤلاء قالوا أنهم لا ينامون الليل، حياتهم صارت دماراً و صاروا أمواتاً فعلياً. لا يمكنهم نسيان مشاهد القتل المريعة التي نفذوها ضد الأبرياء أو ضد منافسيهم من رجال العصابات الأخري.

الأمثلة التي يمكن سردها علي نفس الفكرة لا تعد، حتي من الجانب الإسرائيلي نفسه هناك فيلم (فالس مع بشير Waltz with Bashir)الحائز علي الجولدن جلوب و الذي يحكي قصة مخرجه الذي يظهر بطل الفيلم بنفس إسمه، و الذي كان جندياً أثناء حرب إسرائيل علي لبنان و كان بجوار مذبحة صابرا و شاتيلا. في الفيلم نري المخرج يحاول أن يستعيد ذاكرته التي فقدها إنتقائياً، أي أنه نسي فقط ما حدث أثناء هذه الحرب و لا يري منها إلا كوابيس لكن باقي أحداث حياته يتذكرها دون مشاكل. الفيلم يضم مزيج من ما يسمي بخلل ما بعد الإجهاد الصادم post traumatic stress disorder - آسف علي الترجمة التي لا أعرف ترجمة أفضل منها - بسبب تعرض البطل للهجوم عليه من قبل اللبنانيين، لكنه في نفس الوقت يضم تأنيب الضمير الرهيب علي كونه ممن ساعدوا الفصائل اللبنانية علي تنفيذ مذبحة صابرا و شاتيلاً. في هذا الفيلم نري رحلة البطل في البحث عن رفقائه بعد عشرات السنين علي المذبحة و الدمار النفسي الذي مازال يعاني منه كل منهم بسبب ما مروا به و ما إقترفته أيديهم - بعضهم ترك إسرائيل كلها و هاجر للأبد. الفليم لا يركز فقط علي المذبحة بل علي الحرب كلها فلا يمكن القول أن كل ما حدث كان بسبب المذبحة لكن المذبحة تأخذ جابناً معتبراً منه.

ما أريد أن أقوله هنا هو أن المجازر التي قام بها حزب الله لها أثر نفسي علي الأشخاص و الجماعات. ما هي نوعية الأشخاص الذين تم تجنيدهم ليقبلوا أن يقوموا بإبادات للمدنيين؟ ما هي نوعية الأشخاص الذين تم تصعيدهم ليقوموا بهذه العمل؟ ما أثر القيام بشيء كهذا علي من كانوا مجاهدين بالأمس؟ هملر عندما تكلم عن المجازر قال إن التحدي هو أن يقوم بها أحدهم و يظل لائق، و التي ترجمت في النصوص الإنجليزية decent - لا أعرف الأصل الألماني لأني لا أجيد الألمانية - فهل نتوقع أن يقوم أحدهم بالمجازر و يظل مخلصاً مجاهداً؟ هل نتوقع أن يظل كل من شاركوا في هذه المعركة مخلصين مجاهدين لقضية أيديولوجية؟ تجار المخدرات يعرفون أن الحياة في عالم كهذا تساوي خيانة مؤكدة يوماً ما، بعض الإسرائيليين تركوا إسرائيل كلها بعد مجزرة كبيرة فلماذا يكون رجال حزب الله إستثناءاً؟ و إن إستثنينا شخص أو إثنان أو الف فماذا عن الباقيين؟ كم شخص تحتاج أن يتخلي عن القضية ليصبح عندك ثغرات ضخمة أكبر من أن تسد؟

ما لم أذكره في الجزء الأعلي من المقال في العوامل التي ذكرها المحللون لقدرة إسرائيل علي إختراق حزب الله ما وصف بأنه قدر كبير من التراخي و الغرور المصحوب بما وصف بأنه تحول في عضوية الحزب shift in membership. قواعد إختيار الأشخاص و ترقيتهم و الرقابة عليهم تم التراخي فيها. منطقي تماماً: لا يمكنك أن تضع قواعد دقيقة لإختيار السفاحين و رقابة محكمة عليهم. و بالتالي كان من السهل علي إسرائيل تجنيد عدد من هؤلاء السفاحين.

و طبعاً مفهوم تماما لماذا أصلاً يكون التعامل مع السوريين و الإيرانيين مدخل لإختراق حزب الله بما أن السوريين و الإيرانيين مخترقين بشدة منذ زمن. النظم القمعية القائمة علي السفاحين مخترقة، لا تتوقع إلتزاماً أخلاقياً أو أيديولوجياً من سفاح، و ما إنطبق منذ عقود علي سوريا و إيران ينطبق علي حزب الله في اللحظة التي يقبل حزب الله فيها أن يكون سفاحاً.

خاتمة

هذه ليست دعوة لأن يقطع الفلسطينون علاقتهم بحزب الله و إيران و ليست دعوة لمساواة حزب الله باسرائيل، الخ. نحن في موقف أفضل خيار فيه هو خيار سيء، هو إختيار بين سفاحين، هذا إن كان أصلاً هناك خيارات. هذه فقط مجرد محاولة للتذكير بالبديهيات التي عرفها النازيون منذ أكثر من 80 عاماً و عرفها (الحكماء) من رجال العصابات. إرتكاب المجازر لا يقف عند كونه خطأ أخلاقي، ولا يقف عند كونه خطأ بالمقياس الديني ولا يقف عند كونه سوء تقدير سياسي أو إستراتيجي. إرتكاب المجازر يساوي تغيير كامل في الأشخاص و الجماعات و الجيوش، بمنتهي البراجماتية و النفعية و المادية حزب الله قبل المجزرة يختلف تماماً عنه بعد المجزرة و التعافي من ما حدث يستلزم إعادة مراجعة للأفراد و الجماعات و للقواعد التي تم بها أصلاً إختيار هؤلاء الأشخاص و ترقية من ترقي منهم، هذا شيء صعب جداً علي المدي البعيد و مستحيل علي المدي القريب.