فبراير 1956، المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي. المؤتمر غير مذاع عبر الإعلام وما يحدث فيه سر بين أعضاء الحزب بالتالي ما سأقوله الآن عرفه الناس بعد المؤتمر بسنوات. في هذا المؤتمر وقف خروشوف الذي صار رئيساً للحزب بعد موت ستالين، وألقي خطاباً افتتاحيا صار ذا شهرة مدوية فيما بعد، خطاب هاجم فيه ستالين واتهمه بأنه ديكتاتور أراد أن يرسم لنفسه صورة تقترب من صورة الآلهة. الخطاب كان مدعم بشهادات للينين تم توزيع نسخ مطبوعة منها على أعضاء الحزب فيها ينتقد لينين بذائة وفظاظة ستالين، وعلي مر باقي أيام المؤتمر استمر انتقاد ستالين والحديث عن المذابح التي قام بها وعمليات الاغتيال لخصومه السياسيين، الخ.
بالطبع لم يكن أي مما قيل جديداً علي أعضاء الحزب، فهم مجموعة من السفاحين الفاسدين و كل فظائع ستالين كانوا هم المسئولين عن تنفيذها بشكل أو بآخر، لكن خروشوف كان حريصاً علي أن لا ينتقد باقي أعضاء الحزب الشيوعي بل تحدث عن أن ستالين هو من أساء للحزب بمحاولته استغلال الحزب لتحقيق أغراضه الدنية.
لكن ما كان جديداً كان أن أحدهم جرؤ على انتقاد ستالين بهذا الشكل العنيف حتى بعد موته، وهذا ال(أحدهم) هو رئيس الاتحاد السوفيتي ورئيس الحزب الشيوعي. ما يقرب من دستة من أعضاء الحزب أصيبوا بانهيار عصبي احتاجوا معه لأن يتم إخراجهم من الاجتماعات وتقديم مساعدات طبية لهم. أحدهم، (بوليسلو بيروت)، سكرتير الحزب الشيوعي البولندي، أصيب بأزمة قلبية مات على أثرها بعد بضعة أيام. (ألكسندر فيداييف)، الكاتب الستاليني المعروف أطلق علي نفسه النار بعد المؤتمر.
برغم من أنه لا أحد يستطيع أن ينتقد ستالين إلا أنه لا توجد قاعدة مكتوبة تنص على هذا. حاول أن تتخيل لو كان ستالين واقف ليخطب ثم قاطعه أحدهم وهاجمه ونعته بأنه ديكتاتور قاتل مجنون. بالطبع سيتم الفتك بهذا الشخص. لكن ماذا لو قام أحدهم ورد عليه بأنه (لا تجوز مهاجمة الرفيق ستالين أو انتقاده أيها الرفيق)؟ غالباً هذا الشخص كان سيتم عقابه بشكل أشنع وأكثر تنكيلاً. الكل يعرف أنه لا يمكنك انتقاد ستالين ولكنك لا تستطيع أن تقوم وتتحدث بهذا بشكل علني مفضوح.
في كل مجتمع و لكل شخص هناك قواعد أساسية تحكم المجتمع أو هذا الشخص إلا أنه لا يستطيع أن يتكلم عنها أو يعلنها و في نفس الوقت لا يستطيع أن يتجاوزها أو يفكر في أن يتجاوزها. بالرغم من أن دراسة القوانين والكتب والخطابات في كل مجتمع مفيدة لفهمه إلا أن الأمر يحتاج أيضاً أن يكتشف المرء هذه القواعد الغير مكتوبة والتي تمتلك أحياناً سلطة أعلي من القوانين والمبادئ المعلنة.
في أيام التفرقة العنصرية بين البيض والسود لم تكن هناك قاعدة للتفريق بين السود والبيض في أمريكا داخل الكنائس، لم توجد يوماً لافتة على كنيسة تقول إنها مخصصة للبيض أو كنيسة أخري مخصصة للسود، لا أحد يجرؤ أن يضع مثل هذه اللافتة على دار عبادة ولكن على الرغم من هذا كانت هناك قاعدة غير مكتوبة ولا يمكن لأحد أن يكسرها تقول بأن للبيض كنائسهم وللسود كنائسهم، ولا يمكن لهؤلاء أن يدخلوا كنيسة أولئك.
“أكثر لحظات التفرقة العنصرية في أمريكا المسيحية هي الحادية عشرة من صباح يوم الأحد”. مارتن لوثر كينج.
أعتقد أنه يمكننا الآن أن نفهم ما فعله خروشوف. لقد كسر هذه القواعد الغير مكتوبة التي تمثل أساساً فكرياً ونفسياً لأعضاء الحزب الشيوعي بشكل عجزوا عن التعامل معه فأنهار منهم عدد لا بأس به.
في رواية (إسم الوردة) لأمبرتو إيكو نري أوروبا في فترة التحول من عصور الظلام إلي عصر النهضة، نري الأفكار الغبية والأفكار الجديدة التي تحاول أن تطردها، ونري صراعات المجتمع حول أفكار لا محل لها من الإعراب اليوم. كل الكتب التاريخية تدرس التاريخ بأسلوب (احتلت دولة كذا جارتها، قتل فلان علان واعتلي العرش، الخ). القليلون هم من يتحدثون عن المجتمع، عن الموضوعات التي يناقشها المثقفون والعوام في الشارع في الفترات التاريخية المختلفة. من ضمن هؤلاء القليلين أمبرتو إيكو.
في الرواية نري أفكاراً عجيبة مثل القول بتحريم الضحك لأنه لم يرد نص في الأناجيل عن أن المسيح قد ضحك أو تبسم من قبل، القول بتحريم التملك وتكوين الثروات لأن المسيح لم يمتلك شيئاً، حتى وصل الأمر ببعض الناس لحرق ممتلكات رجال الدين بالذات، القول بأن من يمارس الطب هو ساحر يجب حرقه، واضطرار الأطباء لأن يتلوا صلوات معينة عند علاجهم للمرضي لإقناعهم بأنهم يعالجونهم بالدين وليس بالأدوية والأعشاب الطبية التي كانت هي أساس العلاج إلخ.
الظريف في الرواية أن إيكو لم يكتفي بعرض هذه الأفكار بل أفرد صفحات عدة لهذه المناقشات التي نري فيها أن أولئك الأذكياء الثائرين على هذه الأفكار البالية في ذلك الزمن لم يكونوا خاليين تماماً من هذه الأفكار الغبية، وحتى نقدهم لها لم يكن صلباً وعلى أساس متين مثل نقدنا لها اليوم. الناس تتطور بالتدريج، هذه من سنن الكون.
لا إرادياً تخيلت نفسي في وسط هذه المجادلات، وماذا كان يمكن أن أقول في قضية هي اليوم من البديهيات التي لا أتذكر أني ناقشتها يوماً مع أي شخص لأنها ليست محل نقاش. ثم تذكرت موقفاً آخر ونقاشاً آخر دار في زمننا هذا.
في مقدمة كتاب (دراسة في فقه مقاصد الشريعة) للقرضاوي قال إن فهمي هويدي، الكاتب الصحفي، كتب في أثناء حرب البوسنة والهرسك، أن المسلمين الذين يحجون أو يعتمرون للمرة الثانية والثالثة والعاشرة، أولي بهم أن ينفقوا أموال حجهم وعمرتهم في دعم المسلمين الذين يقتلون بالآلاف في هذه البلاد، هذا أكثر ثواباً وأهم في الوقت الحالي. هنا أرسل إليه أحدهم معترضاً على فكرة أن هناك شيء أولي من شيء آخر في الإسلام. لاحظ أنه لا يعترض على فكرة أن التبرع بالمال للمسلمين أثناء الحرب أولي من الحج للمرة الثانية، بل يعترض على المبدأ العام بأن هناك شيء أولي من الآخر أساساً.
أرسل فهمي هويدي السؤال للقرضاوي طالباً دليلاً شرعياً فكان رد القرضاوي الاستشهاد بالآية الكريمة (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله). أعجبتني الإجابة بشدة. لم تعجبني لأنها تنبئ عن ذكاء أو قدرة على استدعاء الآيات من الذاكرة بناء على موضوعها وكيفية الاستدلال الخ، بل لأنها كانت علامة علي القدرة على تجاوز ما اعتبرته غباء وسخافة منقطعة النظير. السؤال كان مزلزل بالنسبة لي عندما قرأته ومررت بلحظة من شلل التفكير لم أجد معها رداً، وحتى اليوم أستغرب من فكرة أن هناك شخص يعيش في مجتمعنا، له زوجة يتعامل معها، له أبناء يربيهم، له مرؤوسين في العمل يديرهم، له مدير في العمل، أي أنه ليس رجل كهف مثلاً أو شخص يعيش منعزلاً في كوخ في الصحراء، وهو شخص يملك المال الكافي لأن يحج ويعتمر أكثر من مرة، وهذا الشخص يتعامل مع الناس والمجتمع وأهله ومرؤوسيه بهذه العقلية التي تطالب بدليل على أن هناك في الإسلام شيء أولي من شيء آخر.
فيما بعد عرفت أن هناك من ينكرون فكرة (مقاصد الشريعة)، وهي المقاصد الخمس التي تهدف الشريعة للحفاظ عليها بحسب فهم الكثير من الفقهاء وهي أحد أسس بناء الأحكام الفقهية. لاحظ أن هناك من أضاف لهذه المقاصد الخمس وهناك من أنقص منها، لكني أتكلم عن أولئك الذين يرفضون الفكرة من الأساس، فكرة أن هناك مقاصد تحاول الشريعة تحقيقها ويجب على الأحكام الفقهية أن تراعيها.
بالتالي لا داعي للتعجب مما جاء في رواية أمبرتو إيكو من مناقشة للبديهيات، فبعدها بأكثر من خمس قرون لدينا اليوم من يناقشون بديهيات من نوع آخر. إلا أني تساءلت عن لماذا لم يتعلم الأوربيين ممن حولهم؟ لماذا مثلاً لم يقارن الأوربيين أنفسهم بالمسلمين الذين يمارسون الطب بأريحية تامة بدون تضييق من حكام أو رجال دين أو العامة دون أن يعتبر أحدهم الأطباء من الهراطقة والمارقين ويحرقهم عند أول فرصة؟ ربما كان الرد المنطقي أن التنقل ووسائل الإعلام لم تكن بهذا الانتشار مثل اليوم، المكتبات في ذلك الزمن كان عليها حراس يمكنهم أن يمنعوا أي شخص من قراءة كتاب معين لأنهم يرون أن هذا الكتاب قد يفسد تفكير هذا الشخص، جريمة سرقة كتاب من المكتبة لقراءته ممكن أن يتم عقابها بالإعدام، التنقل صعب ونقل الخبرات قائم على الروايات الشفوية بالأساس، لهذا احتاج الأمر قروناً للتغيير لكي يتم.
ولكن ماذا عن مجتمعنا؟ هل تنقصه وسائل اتصال ليري العالم الغربي؟ لماذا أري أستاذا جامعياً يفخر بأنه نال شهادته من أوروبا وعاش فيها أكثر من خمس سنوات وعلى الرغم من هذا يدافع عن الانقلاب العسكري، وهو الدفاع الذي لا يمكن أن يخوضه لخمس دقائق وسط الأوربيين الذين يفخر بأنه عاش وسطهم لسنوات؟ لماذا نري إسلاميين بدون أدني تصور لنظام مفصل لتطبيق مبادئ الإسلام في دولة حديثة، أو بعبارة أخري لماذا نري قيادات إسلامية ليس لديهم أدني تصور لبديهيات للاقتصاد العالمي مثلاً رغم أن كتب الاقتصاد والنشرات الاقتصادية والمقالات تملأ الدنيا؟
منذ فترة انتقدت من يعتبرون (مثقفين إسلاميين) لأنهم لا يقرأون إلا كتابات إسلاميين مثلهم، لا يقرأون في الاقتصاد إلا لعالم اقتصاد إسلامي، لا يقرأون في السياسة إلا كتب السياسة الشرعية وما يدور حولها، الخ، فردت على ابنة أحد قيادات الإسلاميين اليوم بأنها لا تري نفسها أنها مؤهلة الآن للاطلاع على الفكر الغربي حتى تتأسس بما يكفي في الفكر الإسلامي وترسخ أقدامها فيه. هي فتاة تجاوزت الخامسة والعشرين من العمر، خريجة إحدى الكليات النظرية بجامعة الأزهر ونشأت في أسرة كلها من تيار إسلامي شهير، من المهتمين بالبحث والقراءة، أي أنها تعرضت للكثير والكثير من الفكر الإسلامي. بالتالي ما هو المطلوب بالضبط لكي يعبر المرء (مؤهلاً) للاطلاع على ما كتبه غير الإسلاميين في كافة مناحي الحياة؟
غالباً لا شيء. هي لن تطلع يوماً على كتابات غير الإسلاميين بدرجة محترمة من العمق. أنا أعرف هذا، وأنت قارئ المقال تعرف هذا وهي غالباً تعرف هذا، هذه قاعدة غير مكتوبة لا يمكن الاعتراف بها لكن لا يمكن كسرها: ليس لدي غير الإسلاميين ما يضيفونه للمسلمين إلا في الطب والهندسة والعلوم النظرية، لكن في العلوم الإنسانية فليس لديهم ما يهم أو يفيد. ومثلها الأستاذ الجامعي الذي يحافظ على فاصل نفسي وأخلاقي بينه وبين الغربيين الذين عاش وسطهم سنين، فمثلما ذهب إلى أوروبا ولم يمارس الرذائل ويشرب الخمر مثلاً لأنه يفصل نفسه عنهم أخلاقياً فإنه أيضاً يفصل نفسه عنهم إنسانياً، والقواعد التي تنطبق عليهم لا تنطبق عليه لأنهم جنس من البشر أرقي منه، هو يؤمن بهذا ولكنه لن يعترف بهذا، لهذا إن حدث انقلاب في أوروبا فسيستنكر ويثور وإن حدث في مصر فإنه سيراه مبرراً ويتقبله نفسياً لأنه ليس مثل السادة.
في أحد الصالونات الثقافية التي كنت مشتركاً في ترتيبها، كانت المحاضرة تدور فكرتها حول النقاط التالية:
1-في الاقتصاد العالمي يلعب الربا دوراً أساسياً في إدارة اقتصاد الدولة. سعر الفائدة عامل أساسي يستخدمه البنك في تحريك السوق، زيادة الاستثمارات أو تقليلها، التحكم في سعر صرف العملة المحلية مقابل العملة الأجنبية، الخ.
2-كل نماذج الاقتصاد الإسلامي تتحدث عنه من منظور الفرد و ليس من منظور الدولة، بمعني أن أحداً لم يقدم تصوره عن كيف يمكن للبنك المركزي التحكم في سعر صرف العملة مقابل العملات الأجنبية مثلاً عندما لا يكون هناك ربا في الدولة ككل، خاصة و أن التزامك بإلغاء الربا لا يعني التزام الدول الأخرى بإلغائه.
3-بالتالي نحن نحتاج لأن نبحث عن نماذج و نظريات لإدارة الدولة في نظام اقتصادي بدون ربا.
المحاضر دعم قوله برسومات بيانية و معادلات، الي آخر هذه الأشياء التي تمثل (شكليات) بالنسبة للناس كما تبين فيما بعد.
هذه عينة من الردود و الانتقادات التي تلقاها من عدد من الحاضرين:
1-المشكلة فيك أنت و ليست في الإسلام، أنت لم تبحث بما فيه الكفاية. رد المحاضر بأنه لم يقل أن المشكلة في الإسلام، و هو يعلن بالفعل أن علينا البحث عن حلول فكان التأكيد هو علي أنك أنت الذي لم تبحث و لكن الحلول موجودة بالفعل. سأل المحاضر عن بعض هذه الحلول (النظرية التي تقدمها، القانون الاقتصادي و المعادلات المرتبطة به) فكان الرد بأني لا أعرف لأني لست متخصصاً في الاقتصاد لكن الحل موجود بالتأكيد !
2-هل سمعت عن الدكتور فلان الفلاني؟ رد المحاضر بأنه لم يسمع به. فكان الرد بأنه عالم عظيم في الاقتصاد الإسلامي و (أكيد هو عمل حاجة تحل المشكلة دي). سأل المحاضر إن كان هناك اسم لهذه النظرية التي جاء بها هذا العالم أو معادلة للقوانين التي جاء بها فكان الرد بأني لا أعرف لأني لست متخصصاً في الاقتصاد و لكن (أكيد هو عمل حاجة).
3-لماذا لا نستخدم الصكوك الإسلامية؟ سأل المحاضر عن ما هو استخدام الصكوك في المشاكل التي طرحتها فكان الرد بإصرار الخرتيت هو أن علينا أن نستخدم الصكوك الإسلامية. سأل المحاضر بغيظ (أين يمكن وضع الصكوك الإسلامية في هذه المعادلة التي علي السبورة) فكان الرد المتوقع مرة أخري هو (علينا أن نستخدم الصكوك الإسلامية). الحل بديهي يعني!
النتيجة أن المحاضر أقسم أن لا يقدم محاضرات مرة ثانية (لرجل الشارع).
بقي أن أقول أن الشخصين الذين توليا إفساد هذه المحاضرة بهذه النوعية من الردود المتحمسة كانا طبيبين و كل منهما حائز علي الماجيستير، و بالنسبة لكليهما كانت الرسوم البيانية و المعادلات لا تختلف كثيراً عن رسم الفراشات و الزهور، وسيلة لتزيين السبورة.
بالرغم من أنه في الماضي كانت قلة وسائل الاتصال تمنع المتخلفين من التواصل مع المتقدمين فإن اليوم العائق نفسي وعقلي في المقام الأول، يظهر كتشبث من جانب الإسلاميين بقراءة ما يكتبونه لأنفسهم وخوف مرضي من فكرة أن هناك من جاء بما لم يأتوا به أو أن فكرهم وعلمهم ينقصه الكثير، ويظهر كاحتقار الكثيرين لأنفسهم في مقابل الغربيين فيقبلون على أنفسهم أشياء يعرفون تمام المعرفة أنها غير مقبولة في مجتمعات أخري يرونها أرقي منهم. هي عوائق غير مكتوبة وغير معلنة لكن لها وجوداً حقيقياً مؤثراً.
ما ذكرته هنا ليست كل القواعد الغير معلنة في مجتمعنا بل هو مجرد عرض للفكرة. على الرغم من أن المرء يحب أن يعيش في مجتمع متحضر ناضج فكرياً وإنسانياً إلا أن التغيير يأخذ قروناً. هذه حقيقة مؤسفة لكن الدنيا دار عمل وليست دار يري فيها الإنسان بالضرورة نتيجة عمله. الله سبحانه وتعالي خاطب الرسول بقوله (وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم)، أي أنه ليس من الضروري أن يري الرسول نتيجة عمله كلها. بالتالي على الذين يجدون في أنفسهم القدرة النفسية والعقلية على الاطلاع الواسع والبحث عن الحق أينما وجد أن يضعوا في اعتبارهم أن التغيير يأتي تدريجياً وعلى مدي سنوات وأن على المرء أن يعمل ويدعو لما يري ويصبر حتى إن لم ير نتيجة عمله في حياته. هذا الكلام يكتبه شخص عصبي لا يصبر على أبسط الأمور لكن ثوابت الكون لا تحابي أحداً وعلى المرء أن يغير نفسه لأنه لن يستطيع أن يغير سنن الله في خلقه.