في الماضي قال لي أحد أصدقائي أنه ينوي أن لا يشتري جهاز تليفزيون حين يرزقه الله بأولاد. سألته إن كان سيمنع الكمبيوتر من البيت أيضاً فقال لا. تسائلت عن الجدوي. السبب التقليدي لمنع الأطفال من مشاهدة التليفزيون هو تجنيبهم المشاهد و الأفكار الخارجة لكن الكمبيوتر يسمح بأكثر مما يسمح به التليفزيون بكثير. لم يكن صديقي يهدف لتجنيب أبناؤه المشاهد الخارجة بل تجنيبهم أن يكونوا مجرد متلقيين. التليفزيون تفتحه و تشاهد ما يلقي إليك لكن علي الكمبيوتر أنت تبحث بنفسك عن شيء ما لتقرأوه أو تشاهده.
عموماً هذه التحليل تحليل قديم للغاية، لكنه قيل في الفارق بين التليفزيون و الكتاب. أنت تبحث بنفسك عن كتاب معين، تنزل للمكتبات، تتصفح الأغلفة و تختار، أو تتناقش مع أصدقاؤك فيخبرونك عن هذا الكتاب أو ذاك، الخ. أنت شخص فاعل في عملية القراءة، بينما في التليفزيون أنت متلقي تأخذ ما يلقي إليك.
ربما كان هذا في الماضي، لكن في الحاضر الأمر إختلف كثيراً.
هناك كلمة ألمانية ساحقة الشهرة هي blitzkrieg و التي تعني الحرب الخاطفة، و هي أسلوب هتلر في الحرب. بدلاً من الأسلوب التقليدي القائم علي أن تهاجم لتفوز بنقطة أو مدينة، ثم تتقدم خطوط أمداداتك و سلاح المهندسين ليمهد الطرق إلي النقطة التي أخذتها و تنشيء التحصينات و نقاط الإرتكاز و مراكز تخزين الإمدادات ثم تتحرك إلي النقطة التي تليها و هكذا، فإن النازيين كانوا يتحركون بسرعة جنونية بأقصي ما لديهم من قدرة عسكرية و ينهوا المعركة في أيام قليلة. لن ننتظر أي أحد أو أي شيء، سنتحرك حركة لا يتوقعها أحدهم مثل تحرك روميل بالدبابات وسط الغابات ليدور من حول خط ماجينو، سنضرب بكل طاقتنا مرة واحدة دون أن نحافظ علي أي شيء لما بعد أو للجولة التالية لأنه لن توجد جولة تالية. بالطبع هذه الروح القتالية نجم عنها مخالفات أوامر كثيرة فيما يتعلق ب (سيطر علي هذه النقطة ثم إنتظر كذا)، الضباط كانوا يسيطروا علي النقطة ثم ينتقلوا لما يلوها و يتجاهلوا تعليمات الإنتظار لأن الطابع العام للأمور ليس فيه إنتظار لأي شيء من أي نوع. بالطبع هناك تضحيات جسيمة و مخاطرة كبيرة هنا لكن لا أحد يبالي.
هولندا من أكثر دول الاتحاد الأوروبي تأخراً فيما يتعلق بخطط الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون. الدولة تعتمد علي الغاز الطبيعي في التدفئة و علي وقود كربوني لتوليد الكهرباء. المفاعلات النووية قليلة للغاية و هناك مناقشات لإغلاق الموجود بالفعل. موضوع المفاعلات هذا تقليد لألمانيا التي تعتمد بالمثل علي الكربون لتوليد الكهرباء، بالتالي منطقي أن ثمانية من أكثر عشر منشآت أوروبية إنتاجاً لثاني أكسيد الكربون هي محطات توليد كهرباء ألمانية. عموماً هولندا تعتبر امتداد لألمانيا حيث يقلدونها في أشياء كثيرة و الطاقة من ضمنها.
لا يمكن الاعتماد بالكامل علي الطاقة المتجددة لانها لا يمكن تخزينها. لا يمكنك تخزين الكهرباء التي تولدت بالشمس للمساء ولا يمكنك تخزين الكهرباء التي تولدت بالرياح لوقت تقل فيه الرياح أو تنعدم. هناك مشكلة أكثر صعوبة: الدولة مدت أنابيب غاز طبيعي للبيوت لاستخدامها في التدفئة علي مر السنين، بالتالي البنية التحتية لشبكة الكهرباء غير مصممة لأن يتحول استهلاك البيوت من الطاقة بأكمله للكهرباء. أسعار الطاقة في هولندا خيالية مقارنة بباقي أوروبا كما لك أن تتوقع.
بالطبع الدول الملتزمة بجداول تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون لديها مفاعلات نووية و الطاقة عموماً فيها أرخص. الكثير من الخبراء يتكلمون عن خطط إغلاق المفاعلات النووية القليلة في هولندا بأسلوب (إبقي قابلني) و يرون أنه لا سبيل إلا بالتوسع في انشاء المفاعلات النووية و ليس إغلاقها.